أضحى البحث عن إجابة
شافية جامعة مانعة لهذا السؤال الشغل الشاغل هذه الأيام، وأصبحت الصلاة من
عدمها في المسجد الذي بناه الفنان الشعبي سعد الصغير امرا يحتل المرتبة
الأولى في اهتمامات الناس بعد أن أطلق د. محمد المسير، أستاذ الشريعة
بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، فتوى تحرم الصلاة في مسجد الصغير بوصفه
قد بناه من أموال حرام نظير قيامه بالرقص والغناء أمام الراقصات بطريقة
مبتذلة تشجع الشباب على الرذيلة، وبعدها تحول الأمر إلى خناقة حامية على
الفضائيات وصفحات الجرائد بين رجال الدين وعائلات الفنانين الذين اعتبروا
أن الفتوى تسيء إلى العديد من الأسماء الراحلة من الفنانين الذين أسسوا
المساجد أو المشروعات الخيرية.
موائد الراقصاتأعاد
المسير بفتواه جدلا اثير قبل سنوات حول موائد الرحمن التي تقيمها بعض
الفنانات في شهر رمضان، وأشهرها مائدة الراقصة فيفي عبده، وكان بعض
المشايخ حرم على الصائمين تناول الطعام فيها بوصف صاحبتها راقصة تعرض
جسدها أمام الرجال.
أما فتوى المسير فأثيرت أثناء نقاش في إحد
البرامج الحوارية حيث كان المسير ضيفا على المذيع اللامع محمود سعد الذي
وجه اليه سؤالا عن رأيه في المسجد الذي أقامه المطرب الشعبي سعد الصغير
بعد نجاح فيلمه "علي الطرب بالتلاتة" مع الراقصة دينا والذي تبث الفضائيات
اغنياته باستمرار ومنها "العنب" التي وصفها النقاد بالإباحية خصوصا أن
الراقصة دينا وسعد الصغير قاما بالاداء بطريقة تفسر الأغنية بمواضع الفتنة
في جسد المرأة.
والأغنية ذاتها سببت أزمة بعد أن رقصت عليها دينا
بصحبة الصغير أمام إحدى دور السينما بوسط العاصمة القاهرة أدى إلى ارتباك
الحركة المرورية وحدوث انتهاكات أخلاقية وبطبيعة الحال فان د. المسير لم
يشاهد أعمال الصغير وإنما سمع بها لذا كان جوابه حاسما وأفتى بان المال
الذي يجنيه الفنان من أعمال تحض على الفجور وتظهر الفنانات بطريقة مثيرة..
حرام ولا يجوز إخراج الزكاة منها عملا بالقاعدة الشرعية "الله طيب لايقبل
الا طيبا"..
واستطرد المسير: "بوسع سكان الحي الصلاة فيه عند
الضرورة فقط أما إذا كان هناك مسجد أقرب فالأفضل الذهاب إليه"، وأثناء
حديثه اتصلت بالبرنامج ابنة الفنان شكوكو معلنة عن استيائها من الفتوى
مبينة للشيخ المسير أنه نفسه يتقاضي أجره من الفضائية التي تستضيفه نظير
وجوده في البرنامج وهي نفسها تبث اغنيات الصغير وغيره فعليه إذن أن يمتنع
عن الظهور في الفضائيات وإلى هذا الحد تم قطع الاتصال وإن لم ينقطع الجدل.
مؤيد ومعارضعقب
ذلك أعلن الصغير عن أسفه من الفتوى ووصفها بالمتشددة مؤكدا أنه لا يدعو
الناس إلى الكفر بل يدخل البسمة إلى قلوبهم وان الإسلام لا يحرم الغناء.
وانتقل الجدل إلى رجال الدين والمفكرين فأعلن المفكر الاسلامي جمال البنا
أن أموال الفنانين ليست حراما وإنما ينطبق عليها ما ينطبق على أموال أصحاب
المهن الأخرى فإذا أحسنوا واتقوا الله فيما يقدمون فإن أموالهم حلال وطيبة
والعكس إذا كانت مصادر أموالهم مشبوهة، وهو الرأي الذي عرّضه لانتقادات
بالغة واتهامه بالكفر ومحاولة التبرؤ من كل ما هو إسلامي ونفي أية صلة
فكرية قد يراها البعض بينه وبين شقيقه حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان
المسلمين.
أما د. سعاد صالح عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة
الأزهر الأسبق التي شاركت المسير في الحلقة فإنها رفضت تحريم الصلاة في
مسجد الصغير مبينة أن الرسول قال "بشروا ولا تنفروا" وأن الباب مفتوح أمام
المسلمين لعمل الخير، مما عرضها هي الأخرى إلى انتقادات المشايخ المؤازرة
لموقف المسير ورأوا أنها تلجأ في فتواها إلى الحلول الوسط واعتبر بعض
الجمهور فتواها "مائعة".
ونالت فتوى المسير اهتمام الرأى العام
وأصبحت محور الأحاديث اليومية في أماكن العمل وعلى صفحات الدردشة على
الانترنت، البعض رأى أن الفتوى جزء من ظاهرة الفتاوى التي تطل يومياً بفضل
انتشار البرامج الدينية على الفضائيات حتى أضحى شعار المرحلة "فتوى لكل
مواطن" وعلق البعض انه يتمنى رؤية فتوى توجب ضرورة تحصيل العلم وتكفير من
يسرق أموال الشعب بدلا من تحريم أموال سعد الصغير مطالبا بالنظر في أمر
الموظفين المرتشين.
وسأل أحدهم الشيخ المسير إذا ما كان يرضيه أن
يهدم الصغير المسجد ويبني بدلا منه ملهى ليلياً، وعندئذ سيكون ذنب الصغير
في رقبته، وفي الاتجاه المعاكس دافع البعض عن الفتوى متهمين الصغير
باللجوء إلى الرقص الخليع الذي ينافس فيه الراقصات، ونصحه البعض بمراجعة
نفسه والابتعاد عن الفن المبتذل الذي يقدمه من نوعية "بحبك يا حمار" في
حين دعا له البعض الآخر بالهداية واعتبروا مبادرة بناء مسجد خطوة على طريق
رجوعه إلى الله.